02 - 10 - 2025

انتباه | عبد الناصر.. وما زال الكلام قاصرًا

انتباه | عبد الناصر.. وما زال الكلام قاصرًا

أتابع تكرار الحديث عنه في كل مناسبة له وسألت نفسي اليوم

ماذا تبقى ليقال عن جمال عبد الناصر بعد 55 سنة من الحضور رغم الغياب؟

إجابتي أنه تبقى الكثير:

ـ لأن عبد الناصر لم يكن مجرد رجل دولة، بل كان لحظة كثيفة من التاريخ، ومفصلًا في وعي الأمة، وندبة في قلبها، وحلمًا لم يكتمل.

ـ لم يكن حدثًا عابرًا، بل جزءًا من وجدان الأمة، من ذاكرتها العاطفية والسياسية. هو ليس مجرد صفحة في كتاب التاريخ، بل سطرٌ لا يُمحى في دفتر الحلم العربي.

ـ 55 سنة على رحيله، وما زال اسمه يُستدعى في كل لحظة مفصلية، كأن الأمة لم تجد بعد من يملأ فراغه الرمزي. 

ـ لم يكن غيابه نهاية، بل بداية سؤال طويل عن المشروع، والكرامة، والسيادة، والعدالة الاجتماعية.

ما تبقى من الكلام؟

تبقى أن نعيد قراءة عبد الناصر بعيدًا عن التقديس والتجريح، كظاهرة سياسية وفكرية واجتماعية. كمشروع لم يكتمل.

تبقى أن نفكك خطابه، لا لننقضه، بل لنفهم كيف استطاع أن يصوغ وجدان شعب، ويؤسس سردية عربية مقاومة.

تبقى أن نسأل: لماذا ظل حيًا في الذاكرة؟ هل لأنه وعد ولم ينجز؟ أم لأنه أنجز ما لم يَعِد به؟

تبقى أن نُعيد النظر، لا في سيرته فقط، بل في أثره الذي لا يزال يتردد في كل لحظة انكسار، وكل نداء للكرامة، وكل حلم بالسيادة.

تبقى أن غيابه كشف هشاشة من جاء بعده، لا عظمة ما كان عليه فقط.

أن الأمة لم تجد بعد من يملأ فراغه الرمزي، لا لأن لا أحد يشبهه، بل لأن اللحظة لم تعد تسمح بولادة مشروع بحجمه.

نبقى فوق ذلك كله أن عبد الناصر بات مرآتنا:

مرآة لما نريده من الحاكم، وما نفتقده في الواقع. 

مرآة للكرامة حين تُهان، وصدىً للصوت حين يُخنق، وللحلم حين يُختزل في صفقة.

كلما استُدعيت الكرامة، استُدعي اسمه. وكلما خُذلت الأمة، عاد صوته من خلف الغياب.

ربما لا نكون في حاجة إلى كلام جديد عن عبد الناصر، لكننا أحوج ما نكون إلى فعل جديد يستلهم روحه دون أن يكرّر تجربته.

عبد الناصر ليس نصًا يُحفظ، بل سؤالًا يُطرح: كيف نبني مشروعًا وطنيًا في زمن الانكسار؟
-----------------------
بقلم: محمد حماد


مقالات اخرى للكاتب

انتباه | عبد الناصر.. وما زال الكلام قاصرًا